ذات مساء ظليل في الدار الفارهة الكبيرة التي تتوسطها عبارة ( هذا من فضل ربي ) جمع الجد حسين السكران أولاده الأربعة وزوجاتهم وأولادهم الصغار في الحديقة ليحدثهم عن سنوات الرماد وصناعة الفرصة من اجل رغيف خبز حلال يمنح العافية لأهله ..الفقركان ميراثنا ورصيدنا تذكروا ذلك جيدا
إيه قسوة لم تشربنا ،أي لعنه لم تطوقنا ، هو الفقر بأسنانه التي تمضغ أيامنا كان ظلنا الظليل ،لايفارقنا .. بل هو ميراثنا الذي توارثناه وعند المغيب يتسلل تحت جلودنا ،يتدفأ بعظام صدرنا ،مع هذا كان هناك من يسال: لماذا السعال يلازمكم ؟ لماذا وجوهكم صفراء وأجساد اولادكم في الغالب هزيلة ؟! .. نهز أيدينا من ترف السؤال ووقاحته في ان واحد ..لانملك إجابة ولكن ( هل تسال الرصاصة عن القتيل ) ..
الاترون الماء الآسن وبرك المستنقعات والأوحال التي خلفتها الأمطاروغير الامطار، كيف أصبحت مستودعا للبعوض والطحالب .. ثم هناك براز الخيل التي تجر العربات ودخان الإطارات المطاطية التي باتت لعبة الأولاد في الليالي الباردة ..اسألوا حميد الاعور عن السعال الذي قتل ابنه الوحيد ذات الأعوام الاربعه عباس ..ثمرة زواجه من عشر سنوات ، لقد راجع به مستشفى المجيدية (الجمهوري )فيمابعد ولم يحصل سوى على شراب ملء قارورة زجاجية ( شيشة) يشتريها المراجع عادة من الرصيف المقابل المستشفى الحكومي وهو ذات الشراب الذي يمنح لاالام المعدة ووجع الرأس والضغط واغلب الأمراض حتى بات الجميع يعرف علاج طبيب المستشفى ( دواء العافية) ..المهم حميد المسكين وزوجته بقي الامل يراودهم لذلك طافا به على المراقد ونذرا نذورا كثيرة لعله يشفى ويتعافى وكثيرا ما حملوه الى ( الملا) ليقرا عليه لعل بركة تحل عليه
ولكن لاجدوى ..والطفل عباس الذي قتله السعال جزء من حاله
كنا نسكن أكواخ وصرائف وميسور الحال منا يقيم في بيت من الطين يكون هو واولادة واقربائه من شيده ..لقد كانت الصرائف أشبه بحزام كبير يطوق العاصمة
تلك مستوطنات الهامشيين او المعدمين ..
"أكله القيمر ترف لانعرفه ..السمك لانشتريه نذهب لصيده ..اذا اردنا ان نذهب لعرس او مناسبة نكوي ملابسنا بدون مكواه حيث نعتمد طريقة النوم دون تقلب على جهة اليمين او اليسار "
محظوظ من يقبل في الهيئة العامة لنقل الركاب بعنوان جابي او سائق ، كثير من أقاربكم وأصدقائهم كانوا فرحين جدا لأنه تم قبولهم ب وظيفة جرخجي حيث يتسلم عصا براس مكور من الحديد مع صافرة ومعطف ثخين وخنجر وكان اول المحظوضين زبون وجارنا محسن .
اليوم يعود حزام الفقر يطوق العاصمة ولكن بدل الصرائف (حواسم ) عشوائيات ومسحود من يجد وظيفة وبدل الجرخجي تصبح شرطيا وهذه مقابل توريق بلغة اليوم وبالعربي رشوة وانت الممنون