قديماً قالوا ( من لاشيخٓ له ،فشيخهُ الشيطان) والشيخ ُهو المعلم والدليل والمنسق بلغة اليوم ،وبالنتيجة الشيخ ُهو المربي ،هذه الحياة المعقدة والمركبة بتفاصيل لا حد لها لايمكن سبر غورها الا بمعلم ،وحظك من الدنيا ان تحظى بمربٍ ومعلم ماهر يأخذ بيديك الى برّ خلقتٓ له ،ليس برِ أمان فحسب ،بل الى عالم فسيح تتمدد فيه طاقاتك وتتفجر منه مواهبك ،فتبدع وتتمرس وتتقن ،وقلما وجدت بل من النادر أن تجد اشخاصاً نجحوا وصاروا نجوما بلا معلم ،وقد اعجبتني كلمة رائعة للشيخ الاكبر ابن عربي ( ان محمدا شيخٌ مريده علي بن ابي طالب) ياالله كم هذه الكلمة حكيمة ،و لنتصفح سيرة هذا الرجل ،يقول ابن سينا ( مارأيت فيلسوفاً شجاعاً كعلي بن ابي طالب ) وكأنه يريد ان الفيلسوف الذي يغطُ بتأملاتهِ وإشراقاته لا يملك الوقت والوسيلة للسيف والمقارعة والحروب ،ناهيك عن الزهد والكرم والحلم والكياسة وشرف النفس وعلوها، الا هذا( العلي )الذي اقام الدنيا ولم يقعدها ،شذ علي (ع )عن جيله وبيئته وحلق بعيداً عن أقرانه ومجايليه ،ماهي المعارف والافكار التي ورثتها له البيئة والمحيط الذي عاش فيه ؟!،حقيقة من يتوغل في سيرته عليه السلام ،يتوقف كثيراً عند مصادر معرفته ،من اين استقى هذه الافكار؟! اين درس ؟،الى اي مكان سافر وبمن التقى؟ ، وببساطة ان تاريخه الشخصي هو تاريخ الاسلام ،عمره سبع سنين ونزلت الرسالة وانشغل بها مع سيده ومعلمه محمد (ص )،اذن نعود الى مطلع الكلام انه تربى عند نبي وماادراك ماتفعل تربية النبوة ،ان فكر علي بن ابي طالب وحياته ومواقفه كانت صدى حقيقياً لتربية خاصة اتاحتها له ظروف لم يستطع الزمان ان يتيحها لغيره ... التربية مفهوم واسع يدخل في تفاصيل الحياة ،بدأً من الطفولة ،وليس انتهاءا بالوظيفة ،فمن اجل ان تنمو قدراتنا الوظيفية والاكاديمية لابد من تربية مهنية ومربي يفتح امامك مايتشفر ويتعقد من المهنة والتخصص ،ونجد ذلك في الإشراف العلمي على رسائل الدكتوراه والماجستير والمستشارين الاختصاص في شتى مجالات المعارف . البعض - جهلا او مكابرة- حاولوا شق الطريق بلا معلم ،وكانت النتيجة ضياع الجهد والوقت والمال . في العراق مثلا ،كانت الامور قاسية وظالمة اذ استولى على مقدرات الامور البعض ممن تقف خلفهم أجندات ومطامح معينة ،وبذلك ضاعت البلاد بين (تفريط وافراط )،تفريط باستخدام وسائل التعليم والتدريب والاستشارة والخبرة في بناء الدولة ،وإفراط في التوغل بعيداً عن الاهداف السليمة لإقامة دولة المؤسسات ،ولن نتشاءم ،الحياة مستمرة ،التعلم هدف وفطرة انسانية جبلت عليها الشعوب والأمم ،لابد من العودة الى مافات لتدارك ماسيأتي ،لكن قبل ذلك يجب ان تتوفر الحاجة الماسة للاصلاح والايمان بأن لاخلاص من ازمتنا الا بالعودة الى اصول التربية العلمية في الفكر والحياة .
By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://iraqi.dk/
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. - المقالات التي تنشر في الشبكة تعبر عن رأي الكاتب و المسؤولية القانونية تقع على عاتق كاتبها / الاتصال