في حي العدالة /شارع الجنسية بمحافظة النجف الاشرف ترقد قامة أدبية شامخة أضاءت بحروفها وكلماتها الوسط الثقافي والأدبي ألا وهو الموسوعي والأديب حميد المطبعي .قالت ابنته خنساء لم نستطيع الاعتناء به أنا ووالدتي في حي الأعلام ببغداد لان المرض اخذ مأخذه من جسده الواهن وأقعده طريح الفراش اثر جلطة دماغية أثرت على حركته وفقدت أطرافه السفلى الحركة فاضطرت عائلته الى الانتقال للنجف الاشرف في بيت نجله بسام لكي يستطيع الاعتناء به, للوهلة الأولى وحالما وقعت عيناي على احد قامات العراق الثقافية اعتصرني الألم وأخفيت دمعي لكي لا أزيد الموقف حزنا أمام عائلته , ورجعت بذاكرتي إلى تسعينيات القرن الماضي وأنا أتذكر عندما كان يتابع طبع موسوعته في مطابع دار الشؤون الثقافية العامة مفعم بالحيوية والنشاط ويرتدي نظارته الطبية حاملا حقيبته المتوسطة الحجم مصنوعة من الجلد وذات لون بني مليئة بالأوراق والمصادر الأدبية والثقافية ,اقتربت من سريره الذي يرقد عليه وهو عبارة عن تخت بسيط يعكس الإمكانات المتواضعة لبيت ابنه بسام وكبقية غرف المنزل البسيطة جدا التي تكاد تخلو من الأثاث سوى أريكتين ومكتبة صغيرة بسيطة ,قلت لخنساء هل يستطيع التحدث وهل يعرف الأشخاص بعد تعرضه لجلطة دماغية التي يفقد المريض على أثرها أحيانا النطق والذاكرة وهل أستطيع أن أتحدث معه ,فأجابتني خنساء ياريت والله عسى ولعل يستعيد نطقه جربي ,وفعلا اقتربت منه وجلست بجواره تماما فقلت له أستاذ حميد أنا ابنه الصحفي حميد رشيد هل تذكره ؟ لن أنسى نظرته الأبوية الحنونة والعطوفة وأجابني يتحدى صعوبة خروج الكلمات وقال "اوووووو حميد رشيد الله يرحمه؟ من كبار الصحفيين في العراق ومن أهم المترجمين ,الأنيق الجميل وسكت لحظه وفجأة انسابت دمعتين على وجنتاه الواهنة اثر المرض ورفع يده لي فا مسكتها وقلبي ينزف ألما من ناحية وفرحت لان ذاكرته لم تخنه بعد , أما زوجته فشكت عسر الحال وعدم الإمكانية لإدخاله مستشفى وتمريضه من قبل الطبيب الاختصاص فهذا يتطلب مالا كثيرا من دواء ومعاينه الطبيب والسونار والخ ,
ولابد ان نذكر التفاته السيد وزير الثقافة فرياد راوندزي لاهتمامه بالمطبعي ومتابعه حالته الصحية ووضعه المادي والمعنوي بصورة عامه وذلك بإرساله وفدا ولمرتين وتمنياته له بالشفاء العاجل مع باقة ورد وتحيات وسلام لأحد أعلام العراق الذي أثرى المكتبات العراقية والمجتمع العراقي بمؤلفات تنير كلماتها وحروفها للآخرين لتضيء لهم دروبهم نحو التألق والإبداع ,اقترن اسم المطبعي بمجلة الكلمة وموسوعة أعلام العراق في القرن العشرين باجزاءها الثلاثة .
حميد المطبعي كاتب، وباحث موسوعي عراقي من الدرجة الأولى. يتمتع بذاكرة عجيبة، وصبر جميل، وإرادة قوية، وقدرة فائقة على متابعة الإحداث وسبر غورها، ومعرفة تامة بالشخصيات والرموز الثقافية والسياسية والاقتصادية العراقية المعاصرة. كتب موسوعة: “موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين” بثلاث مجلدات وطبعت الموسوعة في دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة والإعلام العراقية خلال السنوات 1995 -1998. ولد المطبعي في النجف الاشرف، وعمل في الصحافة، وأصدر مجلة “الكلمة ” 1967-1975، وهي مجلة ثقافية وفكرية مهمة. كما أصدر عشرات الكتب. وأبرز ما نشره قبل سنوات، “موسوعة المفكرين والأدباء العراقيين”، وتقع في أكثر من 20 جزء.
وأخيرا أناشد رئيس الوزراء حيدر ألعبادي باعتباره نجفيا وان ولد وترعرع في كرادة بغداد ووزيرة الصحة والحكومة المحلية في النجف للالتفات إلى المطبعي ومساعدته فحالته الصحية لا تتحمل التأخير وبحاجه ماسة للمساعدة.
