
متابعة : شبكة الاعلام في الدنمارك -قبل ثلاثة وعشرين عاما حدثت في العراق أفظع المذابح في تاريخ الحروب. فرغم تأكيدات الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الاول من ان الجنود العراقيين المنسحبين من الكويت لن تتم مهاجمتهم، فقد حدث العكس تماما ذبح الجنود والمدنيين العراقيين بعد إعلان
صدام حسين الانسحاب من الكويت.
أكثر من 100 ألف جندي عراقي قتلوا في خمسة اسابيع، معظمهم خلال الحرب البرية التي استمرت 100 ساعة . ربما ستقولون "هذه حرب والناس تقتل فيها " وهذا صحيح ولكن عشرات الالوف من الجنود العراقيين قتلوا بأسلحة محرمة دوليا وبأبشع الطرق التي تتناقض مع القوانين الدولية السارية في الحروب.
حين سئل الجنرال كولن باول الذي كان في حينها رئيس هيئة الاركان حول عدد القتلى من الجيش العراقي قال "لافكرة عندي وليس في نيتي ان ابذل اي جهد حتى اعرف" هذا هو نفس الرجل الذي صرح بعد عدة اشهر من عاصفة الصحراء بان هدفه كان "ان يموت العالم من الخوف من الولايات المتحدة"
نعرف جميعا كيف ان باول كوزير للخارجية كذب على العالم حول العراق في 2002 و 2003 ، ولكن القليل منا من يتذكر ولعه بالقتل خلال حرب الخليج. لقد كان في 1991 نفس الكذاب الشرير الذي كان عليه في اوائل القرن الواحد والعشرين.
قبل بدء الحرب البرية كان الكثير من الدول تحاول اقناع الولايات المتحدة بعدم الهجوم، وقد جاءت موسكو بخطة سلام اطلق عليها بوش وصف "خدعة قاسية" وظل بوش يقول ان الهدف الوحيد هو ان تنسحب القوات العراقية من الكويت، وحين سأله احد الصحفيين كيف سيتراجع العراقيون في حين ان القصف الشديد لم يتوقف أجاب بوش "عليهم هم ان يجدوا طريقة"
في 22 شباط 1991 لعب المتحدث باسم البيت الابيض مارلن فتزووتر "خدعته القاسية" الخاصة به فقد صرح "الولايات المتحدة وشركاها في التحالف يؤكدون ان قواتهم لن تهاجم القوات العراقية المنسحبة" .
ورغم كل الجهود للوصول الى خاتمة سلمية رفضت الولايات المتحدة كل العروض. وقد أمر صدام حسين القوات العراقية بالانسحاب من الكويت في 25 شباط 1991، وهذا الأمر وتصريح فتزووتر بدا وكأنها نهاية العنف في الكويت والعراق.
ولكن بوش كان ينظر اليها بشكل آخر. الآن لديه فرصة ذبح عشرات الالوف من الجنود العزل وقد بدأت احدى افظع مذابح التاريخ.
في 25 شباط 1991 في تقاطع طريق خارج مدينة الكويت وصلت طائرة امريكية كانت تطير دعما للقوات البرية ورأت تيارا عرضه خمس مركبات يتحرك على الطريق الخارجي مغادرا مدينة الكويت. كانت تلك مركبات تحمل قوات عراقية (عزل من السلاح) ومدنيين من جنسيات مختلفة.
تركت الطائرات التابعة للمارينز المركبات تغادر المدينة ثم شنت قصفا جويا بقنابل مضادة للدروع مما جعل المركبات تتوقف عن سيرها. كان هناك اميال من المركبات وألوف الركاب لا يستطيعون التحرك. كانت هذه (حقول القتل) وكلفت فيها مجموعات من 8 طائرات كل 15 دقيقة . وطبقا للميجور جنرال رويال مور قائد الجناح الثالث الجوي للمارينز "كان مثل صيد البط حتى اسود الجو"
بحلول الصباح يوم 26 شباط، وصل الى المشهد فرقة المارينز الثانية مع اللواء المدرع المسمى (لواء النمر) التابع للفرقة المدرعة الثانية في الجيش، وتبعتهما فرق برية اخرى، والان بدأت فعلا مذبحة ما عرف فيما بعد "طريق الموت"
لاحظت القوات الامريكية الاف العراقيين يحاولون الهرب على الطريق . فهاجموا الجنود العزل من ارض عالية ممزقين المركبات والبشر المحصورين بين المركبات المتوقفة في زحمة طريق الموت. وكانت طيارات الحلفاء تكرر قصف المركبات المحصورة . كانت اوامر شوارتسكوف "لا تتركوا اي شخص او اي شيء يخرج من مدينة الكويت".
في 27 شباط، وصلت اولى اخبار المذبحة الى العالم الخارجي، ولكن على اية حال، سيمر عدة اسابيع اخرى قبل ان تصل صور الدمار الى وسائل الاعلام وحينها لم تعرض الا القليل من الصور، وقد كتب مراسل يرافق الفرقة المدرعة الثانية :
ونحن نمر بالمركبات عبر الأنقاض، كانت شاحناتنا المدرعة تخوض برك هائلة من خليط الماء والدم، ومررنا بجنود موتى مضطجعين وكأنهم يرتاحون بدون ان يظهر عليهم اي اثر لحريق او اصابة، وآخرين كانوا ممزقين بحيث ان السيقان بالبنطلونات كانت مرمية على بعد مسافة عن الاجزاء العلوية من الاجساد. اربع جنود ماتوا تحت شاحنة حاولوا ان يحتموا بها.