
شبكة الاعلام / رعد اليوسف
للمرة الثانية ، تشاء الصدفة ان اكتب عن صديقي وزميلي الدكتور هاشم حسن من ردهات المرض في المستشفيات العراقية ، وارجو ان لا تتكرر مثل هذه الصدفة ، وكنت في الصدفتين ممتلىء فرحا ، مغرد القلم ، بغناء وانشودة العقل العراقي ، المبدع في التشخيص والعلاج ، رغم المحن والقتل والفساد ، مما يجعلني اردد ان الدنيا لم تزل بخير !
في الاولى ، كنت في مكتب زميلي العزيز واخي صباح اللامي حينما كان يرأس تحرير جريدة المشرق في بغداد ، واتصل الدكتور هاشم حسن هاتفيا ليبلغ ابو سيف انه مريض وكان في المستشفى ، فطلب اليه ان يأتي الى الجريدة كي نلتقيه ، خاصة واني لم اره لاكثر من خمسة عشر سنة .. جاء الدكتور هاشم فحدثنا عن طريقة مثالية في التشخيص والعلاج اثارت الاعجاب والفضول الصحفي ، فاتفقنا ان ازور المستشفى واكتب عنها شريطة ان لا يبلغ احدا بذلك .
في اليوم الثاني دخلت مستشفى العلوم العصبية في قناة الجيش ، فكتبت موضوعا لا مجاملة فيه معززا بلقاءات وصور في جريدة المشرق العدد 2553 في 20/1/2012 .. وكان عنوانه :
{ هاشم حسن اكتشف ( اعجوبة عراقية ) مطهرة من رجس الفساد والفوضى والخراب }.
طبعا اثنيت في التحقيق على المنجزات والنتائج المتحققة في المستشفى من قبل الجميع ، واكبرت فيهم روح التفاني العظيمة في وقت تكاد ماتت فيه الارواح .
واليوم ، تعاد فرصة الكتابة من هذا النوع عن الدكتور هاشم ايضا ، اذ تعرض قبل ايام الى ازمة شديدة ، ادت الى توقف اصابعه التي طالما امسكت بقوة بالقلم ودفعت بسياطه لجلد ظهور الفساد ، ومطاردة من يتجاسر على العلوم ويصادر الحريات وحقوق الشعب .
الدكتور هاشم حسن عميد كلية الاعلام / جامعة بغداد ، يقول ، شعرت ان قلبي قد تحول الى الجهة اليمنى حينما توقفت اصابع اليد اليمنى ، واني سأختنق لان حياتي اجدها في الكتابة ، وتوقف الكتابة يعني موت روحي ، وتوقف الاصابع عن الحركة ناتج عن ضرر العصب بسبب السكري .
وكما تحققت المعجزة العراقية في معالجة ما تعرضت له قبل خمس سنوات ، جاءت اختها على يد العراقي الشهم الجراح الشاب الدكتور فتيان نزار الواسطي المبدع في الجراحة التجميلية التقويمية في مستشفى الواسطي للجراحة التقويمية .. اذ منح اصابعي جرعة من عبقريته اعادت لها الامل والحياة ، معيدا لنا الثقة من جديد بالطب العراقي ، وقدرات اطباء الوطن في التشخيص والعلاج ، رغم المشاكل والصعوبات .
يقول ابو غادة ، ما يجعل ثنائي اكبر على هذا الدكتور وفريقه ، هو فشل اطباء كبار في اجراء العملية خشية ارتفاع السكر وخلل ضغط الدم ، لكنه وبثقة العراقي اقدم على اجرائها بقلب مطمئن الى النجاح ، وعقل مدرك لما يجري ، فحقق النتيجة الباهرة التي هي اقرب الى المعجزة .
فتيان نموذج لعراقي مخلص للعمل والوطن ، علينا ان ندعمه وندعوا وزارة الصحة والمسؤولين الى احتضان هذه الطاقات وتنميتها ، لاعادة الصورة البهية والمزدهرة لمستشفياتنا التي كانت يوما مثالا يحتذى به في المنطقة .
فرح الدكتور هاشم كان كبيرا لسببين ، الاول شفائه من عارض استهدف قلمه قبل يده ، كما يقول ، وهذا شر يستحق ان يتعوذ المرء منه ، والثاني ، سعادته العظيمة ان الشفاء جاء على يد طبيب عراقي شاب طموح .
وبحجم فرح الدكتور هاشم حسن ، فرحنا ، بعودة القلم الوطني الجرىء الذي يتبنى قضايا الوطن والفقراء ويكتب بفخر عن اي منجز عراقي وان كان فرديا كالذي حققه الدكتور الواسطي .
تحية للدكتور فتيان الواسطي ولكل عراقي مبدع يدفع بعجلة التقدم رغم الرياح العاتية ، ليؤكد حقيقة ان منابع الابداع العراقي والعلوم لا يمكن تجفيفها .
وسلامات دكتور هاشم .


