كل منا له رؤى ووجهات نظر وكل منا له فكره وفطرته السليمة والتي فطر الناس في التميز بين ماهو خير وماهو شر وماهو حق وماهو باطل وماهو عدل وماهو ظلم وماهو صدق وماهو كذب لايختلف أثنان في هذا طالما وأن لديهما الفطرة السليمة والتي خلق الناس عليها فالمولود يولد على الفطرة
تلك كانت مقدمة بسيطة في مدلولها العام لها أبعاد وذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بمقالنا هذا عن المواطنة ومفهومها وفقآ لمانتصوره من رؤى وفكر وفطرة سليمة
لنبدأ ماذا يعني مفهوم المواطنة العالمية?
المواطنة العالمية هي شعور الانسان بالأنتماء الى العالم الكوني كأوسع نطاق والانتماء يكون متدرج على المستوى الوطني للدولة يزداد المفهوم في الاتساع ليصبح على المستوى الدولي ثم يكتمل اتساعه على اوسع نطاق ليصير على المستوى العالمي للكون بأكملة
والذي يتسع لتعايش جميع البشر فيه على الرغم من تعدد الديانات واللغات واللون والجنس والعرق وبحيث يصبح المواطنيين العالميين قادرين على التعايش بأمن وأستقرار وسلام ويسعون بطريقة تفكيرهم وسلوكهم الى بناء عالم يتسم بالمزيد من العدل والسلام ومقومات البقاء والمواطنة تعني القبول بالأخر حتى وان وجد التباين والاختلاف من ناحية الديانة واللغة والجنس واللونً والعرق فقابلية التعايش موجودة لدى المواطنيين العالميين على أعتبار ان للجميع حقوق وعليهم واجبات وجميعهم متساوون امام النظام والقانون والعلاقة التي تربط وتسود بينهم قائمة على مبدأ التعايش والتكامل والتكافل بعيدآ عن كل الانتماءات الضيقة والتي من شأنها ان تخلق المماحكات والنزاعات والصراعات والحروب فيما بين بني البشر
قرأت مقالآ للكاتب المستشار/محمد بن صالح الدحيم
نشر له بتاريخ 2014/8/10م
عن المواطنة في الفكري الإسلامي أثار أهتمامي سوف أتناول بعض أهم الأفكار والرؤى للكاتب المستشار الدحيم
حيث يرى ان المواطنة ماهي ألا عبارة عن مفاعلة مابين الوطن والمواطن
وإذا كانت المواطنه مفاعلة بين ( وطن ومواطن ) فإن هذه المفاعلة هي العمارة للأرض التي يتحدث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها )
في حين أشار الكاتب أن
زهير فياض يرى (4) أن المواطنة وبكل بساطة - هي شعور الإنسان بأن الحياة التي تجمعه مع الأخر على مساحة الأرض التي يتحرك فيها هي حياةٌ واحدة يتولد منها الشعور بالانتماء إلى الجماعة، إلى الأرض، والى الدولة التي تحكم العلاقة بين هذه الأطراف في الواقع الاجتماعي
وأكد الكاتب أن هذا صحيح وأن المفهوم الشعوري , والفكر الإسلامي يؤكد على ذلك .
وأشار الى أن هناك أحكام تشريعة اسلامية وفقهيات تضيف لهذا المعنى وتزيد من التأكيد على حقوق المواطنة وحمايتها .
واستدل الكاتب على ذلك بماكان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من تجسيد وأيما تجسيد لحقوق المواطنة فالمسلمون على اختلاف إنتمائاتهم القبلية والمكانية , عرب أو عجم , من السادة والموالي , كلهم ينالون حقوقهم الوطنية في المدينة النبوية , ولم يكن هناك ما يميز بينهم إلا تنوع الأعمال الصالحة كمهاجرين وأنصار . وقد 1ذكر الله تعالى هذه الصورة الجميلة في القرآن الكريم فقال تعالى : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الحشر(آية 9)
كما أستدل الكاتب مشيرآ أن
اليهود في المدينة أيضآ كانوا مع اختلافهم الديني يتمتعون بكل الحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصادية , ويموت صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بأصواع من شعير ليهودي !
كما ذكر الكاتب بعض مماكان
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران من تقنين واضح لحقهم في المواطنة وفيما يخص الخراج
( لا يجار عليهم، ولا يحمًلون إلا قدر طاقتهم وقوتهم )
وأيضآ
في حرية الإعتقاد في العهد (.. ولا يجبر أحد ممن كان على ملة لنصرانية كرها على الإسلام " ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إلَيْنَا وأُنزِلَ إلَيْكُمْ وإلَهُنَا وإلَهُكُمْ واحِدٌ ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )
(العنكبوت:46)..
كما يشير الكاتب في مقاله الى ان ما ذكر وتقدم في الموروث الفقهي وغيره كثير يدل على
أن الأفق الإسلامي للمواطنة كان واسعا , وأن الأحكام التشريعية في الإسلام كانت متوازنة في رعايتها للمصالح وحفظها للحقوق .
نستخلص من هذا كله أن المواطنة العالمية تجسدت وجسدها الرسول الاعظم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بالقول والعمل وبالفعل صارت في أسمى معانيها متمثلة بروح وأخلاق وقيم ومبادئ الاسلام السامية الى أن تقوم الساعة .