نعم ، اعلن عتبي وأسفي على البنك المركزي العراقي ، وهو المؤسسة العراقية التي وقفت بوجه الريح الصفراء ، ولم تقرب من المناكفات السياسية التي عصفت بنا .. عتبي عليه ، كونه سارع الى توضيح مسألة سيادية موكولة اليه حصرا في جميع الاعراف المالية العالمية ، والعربية والمحلية ، وهي وضع توقيع واسم المحافظ على العملات المالية الورقية ، ضمانا لقانونية الاصدار ، وحفظ حقوق المواطنين .. عليه ان يصم اذنيه لصد اي صوت ، ذا نبرة مصلحية ! ان الاصوات التي استكثرت على محافظ البنك المركزي ، وضع اسمه على اصدارات جديدة ، يحتاجها المواطن في تعاملاته اليومية ، لا تعي مسؤولياتها الاقتصادية والمالية والمجتمعية ، فبدلا من الاشادة بهذه الخطوة والتبريك لها ، نراها تحث الخطى الى هدم النوايا الطيبة التي تخدم المجتمع ، لأغراض واضحة ، لاسيما في هذه الفترة الانتقالية.. انني اسأل ، هل ان الاصوات التي انبرت منذ امس واليوم ، وربما تستمر في لاحق الايام ، شاهرة اصابع اللوم والتشكيك ، هي اصوات تمثل الشعب العراقي ، لا اظن ، فالشعب الذي وجد في البنك ، بيتاً آمنا لماله ، يقدر كل خطواته ، ويدرك ان ابواب معظم المؤسسات ، مشرعة للنهب المنظم ... لذلك ، لم ينتبه الى اية تخرصات تسيء لهذا الصرح السيادي الكبير لقد تناسى ، من يكيل السهام في قضية ، هي صنو الحقيقة ومن صلب واجبات البنك ، ان العراق ، قبل اشهر قليلة ، جاءته بشارة خير ، وهو قرار الاتحاد الأوروبي بإعلانه رسمياً خروج البنك المركزي العراقي من قائمة العقوبات التي يفرضها الاتحاد على المؤسسات المالية الدولية ، التي تشوبها الشبهات ، وإلغاء العقوبات المفروضة على البنك المركزي العراقي منذ 28 عاما التي نصت على حظر التعامل مع مجموعة من المؤسسات المالية وغير المالية العراقية ومنها البنك المركزي العراقي . وجاءت خطوة الاتحاد الاوربي ، في ضوء ما حققه البنك المركزي من خطوات ملموسة ، في تحسين أدائه وتطبيق الأنظمة والمعايير الدولية في هذا المجال ، وان الاتحاد الاوربي ، وما نعرف عنه ، من ثبات ودقة ومصداقية ، وابتعاده عن المحاباة ، ما كان له اتخاذ قرار اعادة الروح لبيت المال العراقي ، ممثلاً بالبنك المركزي العراقي ، دون ان يكون له مجسات ومتابعات لقرارات وألية العمل المهني في البنك ، ما حدا به الى ان يزف الى العراقيين هذه البشارة التي بموجبها سمح للمؤسسات المصرفية المالية العالمية أن تتعامل وفق التعليمات الجديدة مع البنك المركزي العراقي كونه أصبح من المؤسسات المالية الموثوقة لدى المؤسسات الدولية الأوروبية .. وقبلها ، حصل العراق على شهادة دولية، مصرفية انطلقت من باريس، حيث تم تتوج محافظ البنك المركزي العراقي، كأفضل محافظ بنك عربي لعام 2018... وجاء هذا التتويج في ضوء الإنجازات العديدة التي قام بها على المستوى المحلي والدولي في عدة مجالات كان من أبرزها الحفاظ على سعر الصرف، وغلق الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق فضلاً عن التطور الكبير في نظام المدفوعات وانظمة الدفع الالكتروني وايضاً العمل المتقدم الذي أحرزه في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب . واخيرا ، اقول : لستُ مدافعا عن البنك المركزي ، ولستُ ناطقاً اعلاميا باسمه ، لكن المصداقية واجبة في طرحها ، فخطوته الموفقة الاخيرة في حل مشكلة الأوراق المالية التالفة ، بأخرى جديدة ، ستسهم في فك الاختناق الحاصل بين مستويات شرائح عديدة من المجتمع التي تتعامل يوميا بتلك الأوراق التي تهرأت بحكم التقادم وسوء الاستخدام ، وإن معرفة معاناة المواطنين اليومية ، وغير اليومية ، والسعي الى تذليل صعابها ، هي أخص خصائص من يتصدى للمسؤولية ، وهي ايضاً أصل كل تقدم ، وينبوع كل نجاح ، ونسغ كل سعادة حقيقية ، وركن كل ارتقاء اكيد على المستوى الفردي والاجتماعي والانساني .. لنكن مع الحق ، ونبتعد عن خلط الاوراق .. فقد بانت خيوط ومسببات هذه الهجمة ، وهنا اذكر حكمة وصلتني من اخ فاضل ، تقول (مالم تتغير سلوكيات وثقافات الناس العنفية والتسقيطية ويتغير مفهوم الوطنية الى معناه الحقيقي لايمكن ان يكون الانطباع الا متشائما ) .. وقد صدق !