
رثت وزارة الثقافة والسياحة والآثار فقيدها الراحل المسرحي الدكتور شفيق المهدي مدير عام دائرة الفنون العامة وصاحب العرض المسرحي "مشعل الحرائق" في الحفل التأبيني للراحل بقاعة عشتار صبيحة يوم الأربعاء الموافق 10/10 /2018
وتزامن الحفل التأبيني للراحل بعد ثمان أيام من رحيله بفاجعة وفاة أخيه الأكبر صبيحة يوم التأبين نفسه اثر مرض عضال مما اثار صدمة لوسطه الثقافي ولمحبيه ومقربيه وعائلة الفقيد.
وحضر كل وكلاء ومدراء ومنتسبي وزارة الثقافة والسياحة والآثار الحفل التأبيني حاملين وسام مكلل بصورة الدكتور الراحل شفيق المهدي ليزين صدورهن وفاءً لذكرهِ امتزجت بدموع ولوحات استذكارية للراحل في كل ممرات ودوائر الوزارة.
وقال الوكيل الاقدم للوزارة الدكتور جابر الجابري في كلمة التأبين "ابدأ بتقديم التعزية والمواساة ومشاطرة الحزن العميق مع أسرة الفقيد الراحل وأمر بعشيرتهِ وزارة الثقافة وانتهي بقبيلتهِ قبيلة الفن والإبداع والإنسانية في العراقِ وفي كل بقعة من الأرض التقت ونبتت فيه مشاعر الدكتور شفيق المهدي مع علمي ويقيني إن العزاء والحزن لمن يلتهمهم النسيان ويغطيهم التراب وتمحى صورهم من الذاكرة، أما الحزن النبيل والألم المعطر بالسعادة والفخر والاعتزاز فانه في تأبيني وفي حفل خلود هذا الرجل"
مضيفاً "عشتك يا أخي شفيق أربعة عشر عاماً ننتقل خلالها خطوة بخطوة وقدماً بقدم لبناء صرح ثقافي وفني وإبداعي عراقي يحسده ويغبطه عليه الجميع، اشتركنا في معاناة هذه الرحلة والخطوات وكنت اخاً وصديقاً ورفيق درب وزميلاً"
واعرب الجابري "كنت شريكاً في الفرح والحزن والألم والأمل وحاضراً وستظل تمثل أمامنا في كل شارع وزقاق وخشبة مسرح "
موضحاً "كثيرٌ من الأحياء أموات يتحركون ويأكلون ويشربون ويتنافسون ويتآمرون ويتخاذلون ويَهزمون وينهزمون لكنهم أموات لان الحي الحقيقي الذي يعيش إنسانيته في كل حركة وكلمة وموقف في كل يوم من حياته ليسجلها رصيداً خالداً بعد رحيله هذه الدنيا لم تبقي على احد واستسلم الجميع الى هذه الحجة والحق والموت ولا احد سيبقى خالد ولم يبقى من قبلنا ولن ويبقى من بعدنا"
واضاف "انا لله وانا اليه راجعون لا بد من هذا الرجوع وهذه العودة ولكن عودتك كانت محملة بالضوء ومحملة بالعطر في نفوسنا هذا الحشد يا شفيق هو حشدك الذي عايشته وعاصرته ومازجته مشاعرك وعواطفك وابتسامتك حين تدخل كل غرفة وكل ممر من ممراتها في هذه الوزارة وغيرها من الدوائر التي كنت كالغيمة الماطرة تركت فيها رذاذك العطر ومائك وابتسامتك التي لا تزول عن أذهاننا"
واشار الوكيل الاقدم الى السيد الدكتور عقيل مهدي عن كلمته إن المسؤول يقف مسؤول أمام التهمة والحرب دائماً وكنت إقرائك في داخلك يا دكتور شفيق حينما تقيأت دماً في دائرة السينما والمسرح كنت أقرائك في ملامحك وأنت تأن من التقارير والافتراءات من الذين عاشوا حقبة النظام المظلم والمظلمة الذي عود هذه الأجيال الأربعة التي عاشت إلا أن تكتب على بعضها وتهزم بعضها البعض، هذا المرض الذي تفشى للأسف وكانت هناك قابلية لتلقي هذا المرض وما كانت هناك مناعة حقيقية في نفوس نسبة كبيرة كانت تتلقى هذا المرض بسهولة وتقيأه على غيرها في مجتمع أريد له أن يفترس بعضه بعضاً.
واكمل الجابري "الألم الذي عشته وكنا نعيشه ولا زلنا وسنبقى نعيشه معك هو قدرنا لكننا كما أنت يا شفيق لم تنهزم ولن ننهزم ولم نتراجع ولن نتخاذل السلطة والمنصب والمدير العام وكل هذه الصور في الشوارع لا لكونك مدير عام أو مسؤول في وزارة الثقافة أو تحمل منصب بل لكونك كونت أنسانا عشت في إنسانيتهم وانغرزت في ضمائرهم ووجدانهم هذه الدموع التي أراها والمسها بيدي وهناك دموع لديها كاتم دمع لا تظهر في أعماق القلب والروح والوجدان"
وقال "هذا الرحيل لا يمثل فراق بيننا يا شفيق سيمثل حضوراً في أسرتك وبيتك الكريم وهذه الوجوه النظرة التي تركتها مشرقة بك وهذا المكان والموقع قاعة عشتار والدوائر التي لا تزال أنفاسك تعبق في أركانها وزواياها نحن كما كنا معك سنكون وستكون أنت في ذاكرتنا ووعينا ولا وعينا الباطن لان المضيئين دائما يحتلون مواقع العتمة ويزينونها باشراقة واحدة"
ووجه الجابري كلمة للحضور "كلكم اليوم تلتقون على روح شفيق لتنهلوا منه درساً في تواضعه وأدبه وأخلاقه فالمسؤول ليس صوتاً ولا عصاً غليظة فهؤلاء الذين يتحولون بقدرة قادر إلى عصي واصواط على من دونهم في مراتب الإدارات هؤلاء لأنهم لم ينزلوا من العلو وإنما خرجوا من الحضيض والقيعان المغمورة التي لم يصلها الضوء وفجأة بمحاصصة سياسية صعدوا إلى أعلى الأفق هؤلاء لا يمثلون شيءً سيكونون كالريح وهي تمر مما تأخذ منه نتناً من النتن، او طيباً من الطيب يأخذون منها لينقلوها إلى مواقع المسؤولية والمسؤولية ليست تشريفاً لأحد فسيد القوم خادمهم"
مشيراً "يجب إن يكون المسؤول رفيقاً شفيقاً رحيماً لا يكون سداً منيعاً لا يكون عصاً ولا مركز إرهاب ورعب وخوف لمن هم دونه وحوله يقايضونه في أرزاقهم ومرتباتهم ووظائفهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس يهددونهم ويبتزونهم بها"
موضحاً "هذا ليس مسؤول وإنما تاجر وسمسار هذا النموذج الذي مر بالعراق خلال 14 عام هذا النموذج هو الذي سيتساقط وستدوسهم الأقدام أما الذين تحملهم الوجوه والدموع والأرواح فهم الذين نحتشد ونحتفل لا لتأبينهم ووداعهم وإنما لتأكيد حضورهم في قلوبنا وأرواحنا"
ونقل الجابري تعازي وزير الثقافة والسياحة والآثار السيد فرياد رواندزي الذي اعتذر عن الحضور بسبب اضطراره للذهاب خارج بغداد
وقال "كلفني بنقل تحياته وتعازيه ومشاطرته لحزن الأسرة الكريمة وللعائلة الثقافية والقبيلة الإبداعية في كل العراق برحيل هذا العلم والعامود من الضوء الذي سيبقى حياً وان غطى جسده التراب فسيبقى ما يشع منه وما يفيض ضوءاً ونوراً في نفوسنا رحمك الله يا شفيق يوم ولدت ويوم تبعث حياً".
وفي نهاية حديثه أهدى لعائلة الفقيد كتاب الله مغطى بالعلم العراقي
كما أبن الراحل وكيل وزارة الثقافة السيد فوزي الاتروشي بكلمة ألقتها نيابةً عنه السيدة فلنتينا وقدم لعائلة الفقيد باقة ورد وكذلك كلمة للدكتور صلاح القصب وزميل دربه باسم عبد الحميد حمودي
وتم عرض فلم وثائقي عن حياة الراحل وإلقاء قصيدة شعرية تأبينية للراحل ومداخلة للدكتورة سافرة ناجي وكذلك كلمة للدكتور عقيل مهدي .
يذكر ان الراحل نال لقب البرفسور العلمية بعد أن نال الاستاذية بدرجة مساعد عام 1997 قدم الراحل عروض بارزة في المسرح العراقي كان أهمها مسرحيتان مكبث والعاصفة لشكسبير ومشعلوا الحرائق لمكس برش والتي احدث اتجاها تجريبياً في المسرح العراقي المعاصر ومسرحية المعطف عن رواية كوكل بنفس الاسم وهو أطول عرض صامت في تاريخ المسرح العراقي.
ويعد المهدي هو اقدم مدير عام في وزارة الثقافة وتراس اغلب دوائر الوزارة فلم تكن ورقة الا ويعرف بها في أي ركن فكان بمثابة العامود الفقري لوزارة الثقافة
وبرحيل الدكتور شفيق المهدي خسرت وزارة الثقافة عامودها الفقري وأطفأت نار مسرحية مشعلوا الحرائق .


