مجلة الف باء التي يحتفل ابناؤها اليوم 22 مايس ايار بذكرى صدورها لاول مرة عام 1968 في عهد الرئيس عبد الرحمن عارف لم تكن مجلة بل مدرسة اعلامية وصحفية ، نبغ فيها كثيرون ، وطمر فيها من لم ينجح ويتميز ويتفوق.
عيد ميلاد الف باء هذا العام ساكرسه لواحد من ابنائها ولد فيها ونبغ فيها واشتهر بها ومنها هو رسام الكاريكاتير عباس فاضل الذي اشتهر برسم شخصية الدلالة ام ستوري.
عرفته منذ ان بدأ العمل في الف باء عام 1983 بعد 5 سنوات من انضمامي الى اسرة الف باء عام 1967 فقد انيطت بي مسؤولية الاشراف على صفحات الكاريكاتير ولكن ذلك الاشراف توسع ليكون مشاركة عباس فاضل في جلسات شبه يومية لوضع افكار الرسوم وما تتضمنه من نقد معلن او مخفي للاوضاع الاقتصادية.
وازعم انني كنت مبتكر شخصية الدلالة وتحمس لها عباس فاضل ووضعنا الكثير من افكار الرسوم مما جعله يضع في كتابه الذي اصدرته الف باء رسما للدلالات بقيادة ام ستوري وهن يطاردن بالحجارة عدويهن عباس فاضل ومحسن .
كان عباس شخصا محبوبا من الجميع هادئا انيقا لكنه مدقع الفقر عاش ومات فقيرا.
واذكر ان المجلة قامت باستفتاء لقر ائها فظهر ان اغلب القراء يبدأون تصفح المجلة من نهايتها ليطلعوا على كاريكاتيراته الجميلة التي كانوا ينتظرونها كل اربعاء.
امس تكلمت مع صديقنا رسام الكاريكاتير المعروف خضير الحميري عن ذكرياته عن عباس فاضل فكتب لي :
- عباس فاضل لمن لا يعرفه من الجيل الجديد ، رسام كاريكاتير عراقي كان له حضوره الفاعل في الصحافة العراقية طوال الثمانينيات والتسعينيات وحتى وفاته في 8تموز 1996 ، إشتهر بزاويته الكاريكاتيرية ( دلالات ) التي واظب على نشرها على صفحات مجلة الف باء لسنوات طويلة (1983-1992) .
بعد وفاته طلبت من زملائي الرسامين مؤيد نعمة وعبد الرحيم ياسر وعبد الكريم سعدون وشهاب الحميري أن نؤبن الفنان الراحل في الصفحة التي كنت ارسمها في مجلة الف باء ، بطريقه تليق بموروثه الكاريكاتيري فرسم كل منهم بورتريه كاريكاتيري للفنان عباس فاضل ، وجاءت المشاركات معبرة للغاية نشرتها مع مختارات من رسومه وصوره ، كما كتبت مقالة بالمناسبة تحت عنوان:
( في غفلة من الضحكة .. بكينا ) ..
يقول الصديق خضير ذكرت في بعض سطور تلك المقالة: بالخبر الصغير الذي نشرته جريدة الجمهورية عرفنا مثلما عرف الناس ان فنان الكاريكاتير عباس فاضل .. قد مات ، وان الرسام الذي ملأ بقهقهاته هذه الصفحات طوال تسع سنين قرر أن يبكينا لمرة واحدة على الأقل ،بعد أن أضحكنا عشرات بل مئات وآلاف المرات .
ففي عام 1983 قدمته (الف باء) رساما جديدا معتدا بنفسه منذ الخطوة الاولى ، ليحصد خلال سنوات قليلة شهرة واسعة بفضل الافكار والتعليقات الشعبية المؤثرة التي كان يرسمها، والتي سرعان ما كانت تنتشر بين الناس فتؤجج لديه شعورا بالشهرة والنشوة ، وهكذا عرف الناس الفنان عباس وتعرفوا على صورته التي طالما رسمها بالانف الدقيق المائل الى الخارج قليلا عند نهايته ، والرقبة الموشومة بتفاحة آدم ،والشعر الفضي الكثيف والحقيبة الشخصية التي لم تفارقه يوما حتى ساعة وفاته ، والتي لم تكن تحتوي في الغالب سوى علبة سكائر ..
يصف خضير الحميري شخصية عباس فاضل فيقول " أول مزاياها التي ستقفز امامي تتمثل بالحيوية والاناقة ، فرغم ظروفه المادية التي لم تمر يوما بحالة انتعاش او نصف انتعاش ، الا انه لم يتخل عن اناقته الشبابية المحببة ، القميص المودرن ، والالوان المبهجة ، والحذاء الملمع دائما ، واللحية الحليقة 24 ساعة ، أناقة من دون افراط ،ومظهر متناسق يشي بثراء مزيف ، يخفي بين طياته جيوبا خاوية على مدار الشهر ،وكثيرا ما كان يضطره هذا الخواء الجيبي المستديم الى طرق باب الحسابات لتسلم الراتب قبل أوانه ،وعلى شكل جرعات ، ولذلك لم يكن متحمسا مثلنا لمصطلح ( رأس الشهر ).. فالشهر لدى عباس فاضل كان مقطوع الرأس !!
شكرا صديقنا خضير الحميري الذي اردد معه رحم الله فناننا الانيق عباس فاضل .. ورحم الله دلالته البسيطة بربحها الشحيح ، التي إختفت من الشوارع والارصفة لينط في حياتنا بدلا عنها (دلالات ودلالون ) لن يتوانوا عن بيعنا (شلع قلع) .. كعمولة في صفقة رابحة !!
صحفي وكاتب ولد في (ناحية المشخاب - محافظة النجف - العراق) في 12 حزيران عام 1934. كتب القصة القصيرة في بداية حياته الصحفية ثم تخصص في الاخبار وكان واحداُ من ثلاثة اسسوا وكالة الانباء العراقية عام 1959 وعمل فيها حتى عام 1977 مديراً للاخبار الداخلية ومعاونا" للمدير العام ونائب رئيس التحرير ومديراً لمكتب القاهرة.
وفي الصحف عمل في جريدة الشعب ومجلة الاسبوع في الخمسينيات وجريدة الجمهورية بعد ثورة 14 تموز 1958 وجريدة البلاد والاذاعة ومنذ عام 1977 ولحوالي (25) عاماً عمل في مجلة الف باء محرراً وسكرتيراً للتحرير وعضواً في هيئة التحرير التي تدير المجلة.
قام بزيارة الكثير من دول العالم في مهام صحفية وغطى معظم مؤتمرات القمة العربية منذ المؤتمر الاول عام 1964 والمؤتمرات الاخرى في المغرب وتونس ومصر والاردن وبغداد وظل لعدة سنوات مستشاراً لاتحاد وكالات الانباء العربية والذي ساهم في تأسيسه عام 1964 والقى الكثير من المحاضرات في قسم الاعلام بجامعة بغداد ونقابة الصحفيين العراقيين ومثل وكالات الانباء العربية في مؤتمر اليونسكو الخاص بتدفق الاعلام المنعقد في باريس عام 1981 واختير مقرراً لمؤتمرات الحوار بين الوكالات العربية وكل من وكالات انباء امريكا اللاتينية (اكابولكو-المكسيك) عام 1981 و (طنجة-المغرب) عام 1982 ووكالات الانباء الاوربية (براغ) عام 1984 وشارك في المؤتمر الثاني لوكالات الأنباء العالمية في استبونا في اسبانيا عام 2008 وفي المؤتمر الثالث لوكالات الأنباء العالمية في بارليوشا في الأرجنتين عام 2010 وفي عام 1988 منح درع رواد الصحافة العراقية وفي عام 1995 منح شارة رواد الثقافة العراقية.
وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق اصدر مع عدد من زملائه مجلة ان الأسبوعية، ثم مجلة الان اسبوعية، ثم مجلة الصيد شهرية، وعمل كاتباً ومحللا" في مكتب وكالة الانباء الصينية (شينخوا) من عام 2002 الى عام 2005 واشترك عام 2005في تاسيس الوكالة الوطنية العراقية للانباء /نينا/ وكان مديرا مفوضا ونائبا لرئيس مجلس ادارة وفي عام 2012 عمل مسشارا في وكالة انباء كل العراق (اين) حتى عام 2016 عندما اعلن تقاعده عن العمل الصحفي اليومي لاسباب صحية بعد ان بلغ الثانية والثمانين من العمر منها 60 عاما في الصحافة بدون انقطاع.
By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://iraqi.dk/
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. - المقالات التي تنشر في الشبكة تعبر عن رأي الكاتب و المسؤولية القانونية تقع على عاتق كاتبها / الاتصال