
كنت طوال سنوات غربتي وحتى اللحظة احن لاشياء كثيرة في دمشق أولها والدي رحمه الله لانه يعيش في روحي ويسير معي باي مكان وكل زمان ذات يوم كلفت لتغطية إعلامية لمسلسل سوري سيصور في امارة الشارقة ولم اكن على علم باي اسم من الفنانين الذين سيشاركون في ذلك العمل الا اسم الفندق الذي يتواجدون به الممثلين وصلت فندق انتركونتنتال في امارة الشارقة وعند الاستقبال أظهرت لهم بطاقتي الصحافية وطلبت كشف بأسماء الفنانين فتقدم الفنان عبد الرحمن بنفس اللحظة لاستلام غرفته نظرت اليه بحب وشوق كبيرين فهو يشبه والدي قليلا لانه قريبه بالطبع فاعتقد انني اجامله لانه فنان كبير ومعروف ومشهور صافحته بحرارة شديدة كنت بشوق لوالدي كثيرا في البداية استغرب اندفاعي اليه ولهفتي رفع حاجبيه الكثيفين وقبل ان يتحدث بصوته المميز
قلت : لاتستغرب انا قريبتك من دمك ولحمك .
أجاب بصوته المميز : كيف قريبتي ولا اعرفك ؟ بنت من انت وما اسمك ؟
اعطيته بطاقتي فيها اسمي الثلاثي كانت السبحة ذات اللون البني في يده اليمنى لاتتوقف عن التسبيح وفي اليسرى سيجارته فرمى بها بعد ان اطفأها واخذ بطاقتي وعندما قرأ ها قال : اه .. نعم اذكر ان اخر مرحلة من الابتدائية كان والدك يحمل اسم عائلتنا لكن جدك هو من غيرها الى الملا ... نعم نعم هذا صحيح وقد سمعت ان واحدة من العائلة أصبحت كاتبة واديبة وإعلامية لعلك انت ؟
اجبت : نعم بالضبط انا و انت اول فنان من العائلة وانا اول اديبة منها ولم يسبقنا احد واخذنا نضحك
قلت : تفضل لنشرب القهوة معا .
مشينا في بهو الفندق الذي لا يقدم أي شيء فصعدنا الى الطابق الأول .
جلسنا في المقهى ليبدأ بيننا الحوار العائلي :
قلت : ان القاك هكذا أيها الفنان الكبير والقريب لي صدفة هذه مفاجاة كبيرة وجميلة بالنسبة لي والدي سيسر كثيرا ساخبره بهذا اللقاء .
أجاب : نعم نعم وانا سعيد أيضا ان اقابل قريبة لي ناجحة واديبة ها ... قلت اسمك مريم اليس كذلك؟ انا أيضا لك عندي مفاجأة ياسبحان الله انت اذن التي حملت اسم الجدة التي كانت تعنفنا على شقاوتنا ؟
قلت : نعم والدي قال لي ذلك ايضا اذن اسمح لي ان اخبرك أشياء كان يقولها والدي عنك
أجاب : بكل سرور كانت أيام جميلة ياليت تخبريني ؟
قلت : اعرف انك تصغر والدي بعشر سنوات ولك اشقاء هم شريف وغالب ورياض وشقيقك الكبير هو من كان بعمر والدي كنتم وانتم أطفال تلعبون امام منزلكم في الحي الذي اطلق عليه اسم عائلتنا حي "آل رشي " وتحديدا حول صنبور المياه وكنتم تبللون أنفسكم بعد اللعب في الطين لكن انت لم تكن تهوى اللعب كثيرا معهم بل كنت تهوى سماع الحكايا و قال أيضا ان الفن اخذك وابعدك كثيرا عن الجميع .
أجاب : نعم صحيح هذا .
قلت : لكن شقيقك رياض بقي على تواصل مع والدي وكان يزروننا مع عائلته في أوقات كثيرة فانا اعرفهم حق معرفة .
أجاب : نعم هذا صحيح الله .. يالها من أيام كنا نلعب سوية لقد سرقني الفن من كل شيء واعطيته كل شيء
قلت : لقد كان ابي يتابع كل اعمالك وهو فخور بك وكان كلما شاهدك على الشاشة يقول برافو ... لقد نجحت وابدعت في الفن ياعبد الرحمن
أجاب : الحمد لله على كل شيء والله انا سعيد بك هل انت تتابعين اعمالي ؟
قلت : في الحقيقة جئت لتغطية المسلسل لكن الصدفة جمعتنا افضل ان يبقى حوارنا عائلي كما بدأ ولكن لدي سؤال شخصي .
أجاب : تفضلي ياقريبتي اسالي ماشئت .
قلت : صوتك مميزا يعجب الناس كلها لكنك تتقن أدوار الشر جيدا في الاعمال التاريخية والبدوية وتتقن الفصحى بشكل مبهر ماسبب ذلك ؟
أجاب : اشكر الله سبحانه وتعالى الذي وهبني هذا الصوت وهذا الشكل فهما رصيدي والموهبة أيضا من الله اما اللغة العربية الفصحى اجدتها جيدا لانني صقلتها بقراءة القرآن الكريم ثم درسته مجودا ومرتلا لانه هو أساس اللغة العربية .
قلت : اه ... اللغة العربية لقد ذكرتني ... شقيقتك الوحيدة كوثر كانت معلمتي للغة العربية في المرحلة الاعدادية .
أجاب متفاجئا : هل هذا صحيح ؟ اياك ان تقولي انها أيضا كانت لاتعرف صلة القرابة بينك وبينها ؟
قلت ضاحكة : طبعا كانت تعرف ووالدي كان يتصل بها هاتفيا دائما يسالها عن ادائي وكانت تهتم بي كثيرا لكن هي لم تصرح لاحد انك شقيقها في المدرسة لهذا انا لم ادع أحدا الا واخبرته بفخر من الإدارة الى المعلمات الى الطالبات وكل العاملين بالمدرسة انها قريبتي وان شقيقها هو الممثل الشرير عبد الرحمن ... وانفجر ضاحكا بضحكة اهتز لها ارجاء الفندق لدرجة غالبته دموعه فسحب منديله من جيبه ليمسحها بعد ان القى سبحته على المنضدة . كان قد مضى اكثر من ساعتين على جلستنا ولم نشرب القهوة وفجأة تجمع من حولنا معجبين ومعجبات واعلاميين واعلاميات يريدون اجراء حوار مع هذا الفنان الكبير الذي استاذن مني وودعني ومشى معهم الى بهو الفندق وبقيت وحيدة مع القهوة الباردة و فناجينها الفارغة وسبحته البنية التي نساها على المنضدة ..... وأصبحت لي .