وزير النفط العراقي السابق: خسائر قطاع البترول 50 ملياراً سنوياً... واستثمار الغاز و الحل07
تجاوز استيراد المنتجات النفطيَّة بالعراق 30 مليار دولار خلال الفترة من 2003 إلى 2018 (أ.ف.ب)
وَصَفَ وزير النفط العراقي السابق عضو اللجنة البرلمانيَّة العليا للطاقة جبار اللعيبي الحصيلة التي وصلت إليها العمليَّة السياسيَّة في بلده بأنها "مؤلمةٌ بكل مفاصلها الحيويَّة، وخلّفت فقراً مدقعاً وجوعاً ضاغطاً على الناس، إضافة إلى تدني مستوى العيش، وإهدار مالي يزيد على 50 مليار دولار سنوياً في قطاع النفط فقط وبقيَّة الخدمات التابعة".
فقدان الرؤيَّة السياسيَّة الصحيحة
وقال، في حديثه مع "اندبندنت عربيَّة"، "الأوضاع الحاليَّة أنتجت ارتفاعاً في أعداد ملايين المهاجرين والمهّجرين داخل وخارج العراق، إضافة إلى اقتصاد مخرّب نتيجة تراكم الأحداث والحروب والصراعات التي مرّت على البلد منذ ثمانينيات القرن الماضي".
000_EY5OL.jpg
وزير النفط العراقي السابق عضو اللجنة البرلمانيَّة العليا للطاقة جبار اللعيبي (أ.ف.ب)
وأضاف اللعيبي، "التراجعات استمرت حتى بعد 2003 نتيجة حتميَّة للسياسات الخاطئة، رغم خروج العراق من هيمنة الحصار خلال تسعينيات القرن الماضي"، موضحاً "فقدان الرؤيَّة السياسيَّة الصحيحة للحكم أدى إلى إغراق البلد والأجهزة الرسميَّة في فساد حكومي ومجتمعي ناجم عن تراكم الأخطاء السياسيَّة، ما أدى إلى التراجع في اتخاذ قرارات إصلاحيَّة حاسمة من شأنها أن تنقذ العراق من الضياع".
وتابع الوزير العراقي، "غياب الرؤيَّة عن تحديد الأولويات في بناء دولة عصريَّة من أخطر وأهم الأسباب التي قادت إلى تراكم الانتكاسات وتوقف الحلول الآنيَّة، واتخاذ الحكومة الحاليَّة قرارات فوضويَّة في ظل واقع ناقم، ومن دون قدرة وكفاءة لإحداث النقلة النوعيَّة في حياة المجتمع، رغم الإمكانات التي حباها الله للعراق أرضاً وشعباً وبيئة وموقعاً مميزاً تُمكّن من اختزال الزمن وتقلل من الخسائر، وتعجّل من نهضة البلاد".
تناقص أعداد الكفاءات
وحول تصوّره للخروج من الأزمة الشاملة التي يمر بها العراق قال جبار اللعيبي، "إذا ما امتلكت الرؤيَّة في تحديد الأولويات والعمل على تحقيقها من خلال عمليَّة تنمويَّة ناجحة ترفع مستوى الأداء السياسي وتوظيف العامل الاقتصادي في حل الأزمات المجتمعيَّة، يمكن إنقاذ البلد، الذي بات تحت ضغوط سياسيَّة واقتصاديَّة في الداخل والخارج، ما يعجز معه في حل أبرز المشكلات المعرقلة والضاغطة".
وأضاف، "ما يزيد الطين بلة هو عدم الدرايَّة بطبيعة التحديات التي تواجهنا، وفي مقدمتها تناقص أعداد الكفاءات التي تراجعت بضغط العامل السياسي الطارد الكفاءات، واعتماد البلد على مورد واحد هو النفط، الذي يوفر عائدات مباشرة لا تحتاج إلى جهود كبيرة بحكم وجوده المتوارث".
إعادة هيكلة القطاع النفطي
وبحكم خبرته الطويلة في القطاع النفطي التي امتدت نصف قرن يقول المسؤول العراقي، "تسلّمت مواقع متدرجة في وزارة النفط على مدى سنوات طويلة، وكانت لدينا رؤيتنا الخاصة لإحداث تطور جذري في هذا القطاع، الذي لا يكلف ميزانيَّة الدولة إلا قليلاً من الجهد والاعتماد على القدرات الوطنيَّة، حيث يمكن من خلال هذه الرؤيَّة حصد نتائج كبيرة توفر مبالغ هائلة لخزينة الدولة".
000_XG3WA.jpg
يخسر العراق أكثر من 5 مليارات سنوياً نتيجة إحراق الغاز المصاحب في حقول النفط (أ.ف.ب)
وحسب اللعيبي فإن أبرز العقبات والمشكلات في أجهزة النفط العراقي تتمثل في "الدعوة إلى إعادة الهيكلة غير الصحيحة، والنظام الإداري القديم الذي يحكمها ويضيف أعباءً تحول دون تطوره"، مؤكداً أنه "لا بد من الشروع ببناء إدارة ذات كفاءة وشجاعة من متخصصين ومدربين من الكادر الوطني الحالي، وإعطائهم الدور في اتخاذ القرار، والشروع بحملة تدريب للكوادر النفطيَّة على التقنيات الحديثة في العالم والمواد المستخدمة من أجهزة ومعدات وأساليب".
وشدد الوزير العراقي، على إمكانيَّة "النهوض الممكنة بالقطاع بإدارة مدربة ومؤمنة بالتغيير، تقوم بتحقيق تعظيم موارد الدولة ومضاعفتها في محصلة الإنفاق عليها وتدريبها".
استثمار الغاز
ودعا وزير النفط العراقي السابق إلى إحداث نقلة نوعيَّة في القطاع النفطي من خلال "استثمار الغاز المصاحب للاستخراجات النفطيَّة"، قائلاً "نخسر أكثر من 5 مليارات سنوياً نتيجة إحراق الغاز المصاحب في حقول النفط، في وقت يكلف استيراد المشتقات النفطيَّة ببلد منتج النفط ومصدر له ما يقارب 3 - 4 مليارات دولار سنوياً، يمكن توفيرها بوسائل عديدة".
وأضاف "كما يكلف نقل النفط الخام الميزانيَّة ما يربو عن المليار ونصف المليار دولار، في وقت كانت الدولة منذ العام 1975 تملك أسطول ناقلات وتوفر كل هذه المبالغ، ما يمنحنا فرصة لتطوير هذه الخدمة من جديد".
فضائح جولة التراخيص النفطيَّة
وطالب اللعيبي بإعادة النظر في "استحقاقات جولة التراخيص ودفوعاتها"، مؤكداً أن ذلك "مطلب مهم لخفض الضرر الذي تعانيه البلاد جراء هذا القرار الخاطئ، إذ تكلف ميزانيَّة الدولة 15 مليار دولار، ويمكن العمل على خفضها إلى 8 مليارات، وذلك بضرب الفساد المرافق لها، حيث يمكن السيطرة على هذا الهدر خلال عامين".